فصل: (سورة الحج: الآيات 3- 4):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الحج:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة الحج: الآيات 1- 2]:

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شيء عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَا أرضعت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هم بِسُكارى وَلَكِن عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)}.

.الإعراب:

أيّ منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب..
ها حرف تنبيه {الناس} بدل من أيّ أو عطف بيان مرفوع لفظا.
جملة النداء: {يأيّها } لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {اتّقوا } لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {إنّ زلزلة} {شيء} لا محلّ لها تعليليّة- أو استئناف بيانيّ- {يوم} ظرف زمان منصوب متعلق بـ: {تذهل}، {عمّا} متعلّق بـ: {تذهل}، {سكارى} حال منصوبة من الناس وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف الواو حاليّة ما نافية عاملة عمل ليس {سكارى} الثاني مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما الواو عاطفة {لَكِن} حرف مشبّه بالفعل للاستدراك- ناسخ- وجملة: {ترونها } في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة: {تذهل كلّ } لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {أرضعت } لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أو الاسميّ ما.
وجملة: {تضع كلّ } لا محلّ لها معطوفة على جملة تذهل كلّ...
وجملة: {ترى } لا محلّ لها معطوفة على جملة تذهل كلّ.
وجملة: {ما هم بسكارى } في محلّ نصب حال من الناس.
وجملة: {لَكِن عذاب} {شديد} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي هذا كلّه هيّن ولَكِن عذاب اللّه شديد.

.الصرف:

{زلزلة}، مصدر قياسيّ لفعل زلزل الرباعيّ، وزنه فعللة، وثمّة مصدر آخر هو زلزال وزنه فعلال بكسر الفاء.
{مرضعة}، اسم فاعل من أرضع الرباعيّ، وزنه مفعلة بضمّ الميم وكسر العين، وقد لحقته التاء دلالة عمّن باشرت الأرضاع بالفعل، أمّا بغير تاء فهو لمن شأنها الأرضاع وإن لم تباشره.

.البلاغة:

التشبيه البليغ:
في قوله تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هم بِسُكارى}.
فقد شبه الناس في ذلك اليوم العصيب، بحالة السكارى الذين فقدوا التمييز وأضاعوا الرشد، والعلماء يقولون: إن من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك زيد حمار، إذا وصفته بالبلادة والغباء، ثم يصدق أن نقول: وما هو بحمار، فتنفي عنه الحقيقة. فكذلك الآية، بعد أن أثبت السكر المجازي، نفى الحقيقة أبلغ نفي مؤكد بالباء. والسر في تأكيده التنبيه على أن هذا السكر، الذي هو بهم في تلك الحالة، ليس من المعهود في شيء، وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله. والاستدراك بقوله: {وَلَكِن عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} راجع إلى قوله: {وما هم بسكارى} من الخمر، وهو السكر المعهود. فما هذا السكر الغريب وما سببه؟ فقيل شدة عذاب اللّه تعالى.

.الفوائد:

- {وتضع كل ذات حمل حملها}.
{ذات} اسم إشارة للفرد المؤنث.
واسم الإشارة هو من المعارف الست. وأسماء الإشارة كما يلي:
أ- ذا للمفرد المذكر.
ب- ذي، تي، ذه، ته، ذه، ته، ذا، تا، ذه، ته بإشباع الكسرة فيهما. وهكذا تصبح عشرة للمفرد المؤنث.
ج- وذان للمثنى المذكر رفعا، وتان للمثنى المؤنث رفعا، وذين وتين لتثنية المذكر والمؤنث نصبا وجرا.
د- وأولاء لجمع العاقل مذكرا ومؤنثا، وقد يأتي لغير العاقل على قلة، كقول جرير:
ذمّ المنازل بعد منزلة اللوى ** والعيش بعد أولئك الأيام

هـ- تلحق اسم الإشارة كاف الخطاب ولام البعد.
و- يشار إلى المكان القريب بـ هنا بدون ها أو هاهنا مقرونة بـ ها. ويشار للمكان البعيد بـ هناك أو ها هناك أو هنالك أو هنّا أو هينا أو هنّت أو ثمّ نحو: {وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الآخرينَ}.
ملاحظة: إذا أضيفت ذات إلى الظروف كانت ظرفا..

.[سورة الحج: الآيات 3- 4]:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (4)}.

.الإعراب:

الواو استئنافيّة {من الناس} متعلق بمحذوف خبر مقدّم {من} اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر {في اللّه} متعلق بـ: {يجادل} على حذف مضاف أي في قدرة اللّه {بغير} متعلق بـ حال من فاعل يجادل أي: متلبّسا بالجهل.
جملة: {من الناس من يجادل } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يجادل } لا محلّ لها صلة الموصول من.
وجملة: {يتّبع } لا محلّ لها معطوفة على جملة يجادل.
{عليه} متعلق بـ المبنيّ للمجهول كتب بتضمينه معنى قضي، وضمير الغائب يعود على الشيطان.. والهاء في أنّه ضمير الشأن اسم أنّ من اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ الفاء رابطة لجواب الشرط {إلى عذاب} متعلق بـ: {يهديه}.
والمصدر المؤوّل {أنّه من تولّاه } في محلّ رفع نائب الفاعل لفعل كتب...
والمصدر المؤوّل {أنّه يضلّه } في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف أي فإضلاله واقع أو حاصل.
وجملة: {كتب عليه } في محلّ جرّ نعت لشيطان.
وجملة: {من تولّاه } في محلّ رفع خبر أنّ الأول.
وجملة: {تولّاه } في محلّ رفع خبر المبتدأ من.
وجملة: {يضلّه } في محلّ رفع خبر أنّ الثاني.
وجملة: إضلاله حاصل في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: {يهديه} في محلّ رفع معطوفة على جملة يضلّه.

.[سورة الحج: آية 5]:

{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نشاء إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأرض هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الماء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}.

.الإعراب:

{يأيّها الناس} مرّ إعرابها، {كنتم} فعل ماض ناقص- ناسخ- مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط {في ريب} متعلق بمحذوف خبر كنتم {من البعث} متعلق بـ: {ريب}- أو بنعت لـ {ريب}- الفاء رابطة لجواب الشرط {من تراب} متعلق بـ: {خلقناكم} بحذف مضاف أي: أباكم،
ويعطف عليه بحروف العطف {ثمّ} من قوله: {من نطفة} إلى قوله: {من مضغة}، {غير} معطوف على مخلّقة مجرور اللام للتعليل {نبيّن} مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام.. والفاعل نحن للتعظيم، ومفعوله محذوف أي: كمال قدرتنا {لكم} متعلق بـ: {نبيّن}، الواو استئنافيّة {في الأرحام} متعلق بـ: {نقرّ}، {إلى أجل} متعلق بـ: {نقرّ}..
والمصدر المؤوّل {أن نبيّن} في محلّ جرّ متعلق بـ: {خلقناكم}.
{طفلا} حال منصوبة من مفعول نخرجكم، اللام لام الصيرورة {تبلغوا} مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل {أن تبلغوا } في محلّ جرّ باللام متعلق بـ فعل محذوف معطوف على نخرجكم بحرف العطف {ثمّ} أي: ثمّ نعمّركم لتبلغوا... الواو عاطفة {منكم} متعلق بمحذوف خبر مقدّم من اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر، ونائب الفاعل للمبنيّ للمجهول {يتوفّى} ضمير يعود على من وهو العائد الواو عاطفة {منكم من يردّ} مثل منكم من يتوفّى، {إلى أرذل} متعلق بـ: {يردّ}، {لكيلا} حرف جرّ، وحرف مصدريّ ونصب، وحرف نفي {من بعد} متعلق بـ: {يعلم}.
والمصدر المؤوّل {كيلا يعلم } في محلّ جرّ باللام متعلق بـ: {يردّ}.
{الواو} عاطفة {ترى} مضارع مرفوع والرؤية بصريّة، والفاعل أنت {هامدة} حال منصوبة الفاء عاطفة {عليها} متعلق بـ: {أنزلنا}، {ربت} فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوف لالتقاء الساكنين، والفاعل هي {من كلّ} متعلق بـ: {أنبتت}، ومفعوله محذوف أي أشياء أو ألوانا..
جملة: {يأيّها الناس } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إن كنتم } لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {إنّا خلقناكم } لا محلّ لها تعليل لجواب الشرط المقدّر، أي إن كنتم في ريب.. فانظروا في ما حولكم فإنّا خلقناكم.
وجملة: {خلقناكم } في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {نبيّن لكم } لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن المضمر.
وجملة: {نقرّ } لا محلّ لها استئنافيّة مبيّنة ما سبق.
وجملة: {نشاء } لا محلّ لها صلة الموصول ما.
وجملة: {نخرجكم } لا محلّ لها معطوفة على جملة نقرّ.
وجملة: {تبلغوا } لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن الثاني.
وجملة: {منكم من يتوفّى } لا محلّ لها معطوفة على جملة نعمّركم المقدّرة.
وجملة: {يتوفّى } لا محلّ لها صلة الموصول من الأول.
وجملة: {منكم من يردّ } لا محلّ لها معطوفة على جملة منكم من يتوفّى.
وجملة: {يردّ } لا محلّ لها صلة الموصول من الثاني.
وجملة: {يعلم } لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ كي.
وجملة: {ترى } لا محلّ لها معطوفة على جملة التعليل إنّا خلقناكم.
وجملة: {أنزلنا } في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {اهتزّت } لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {ربت } لا محلّ لها معطوفة على جملة اهتزّت.
وجملة: {أنبتت } لا محلّ لها معطوفة على جملة اهتزّت.

.الصرف:

{البعث} مصدر سماعيّ لفعل بعث الثلاثيّ، وزنه فعل بفتح فسكون.
{علقة}، اسم جامد للدم الجامد، وزنه فعلة بفتح الثلاثة.
{مضغة}، اسم جامد لقطعة اللحم بقدر ما يمضغ، وزنه فعله بضمّ فسكون ففتح.
{مخلّقة}، مؤنّث مخلّق، اسم مفعول من خلّق الرباعيّ، وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشدّدة.
{طفلا}، اسم جنس للمخلوق الصغير الذي لم يبلغ، ويستعمل للمفرد والجمع، وزنه فعل بكسر فسكون.
{يتوفّى}، فيه إعلال بالقلب أصله يتوفّي- بياء في آخره- تحرّكت الياء بعد فتح قلبت ألفا، ورسمت برسم الياء غير المنقوطة لأنها خامسة.
{هامدة}، مؤنّث هامد، اسم فاعل من همد الثلاثيّ، وزنه فاعل والمؤنّث فاعلة.
{بهيج}، صفة مشبّهة من بهج يبهج باب فرح، وزنه فعيل.

.البلاغة:

1- ائتلاف الطباق والتكافؤ:
لمجيء أحد الضدين، أو أحد المتقابلين، حقيقة والآخر مجازا، فهمود الأرض واهتزازها ضدان، لأن الهمود سكون والاهتزاز هنا حركة خاصة، وهما مجازان، والربو والإنبات ضدان، وهما حقيقيان، وإنما قلنا ذلك لأن الأرض تربو حالة نزول الماء عليها، وهي لا تنبت في تلك الحالة، فإذا انقطعت مادة السماء، وجفف الهواء رطوبة الماء، خمد الربو، وعادت الأرض إلى حالها من الاستواء وتشققت وأنبتت. فصدر الآية تكافؤ وما قابله في عجزها طباق.
2- المجاز العقلي:
في قوله تعالى: {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} فقد أسند الإنبات للأرض، وهو مجاز عقلي، لأن المنبت في الحقيقة هو اللّه تعالى. وقد تقدم القول غير مرة في المجاز.
ونزيده هنا، أن المجاز خلاف الحقيقة، والحقيقة فعيلة بمعنى مفعولة، من أحق الأمر يحقه، إذا أثبته، أو من حققته إذا كنت على يقين، وإنما سمي خلاف المجاز بذلك، لأنه شيء مثبت معلوم بالدلالة. والمجاز مفعل من جاز الشيء يجوزه إذا تعداه، فإذا عدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة وصف بأنه مجاز، على أنهم جازوا به موضعه الأصلي أو جاز مكانه الذي وضع فيه أولا.

.الفوائد:

- الأدلة على وجوده تعالى نوعان:
أ- أدلة علمية مركبة، يتخذها الفلاسفة وعلماء الكلام وسيلة للبرهنة على حدوث العالم وديمومته تعالى. وقد أشرنا إلى نوع هذه الأدلة فيما سبق.
ب- وأدلة فطرية، يدركها العقل والضمير معا، وهذه الآية التي بين أيدينا من نوع هذه الأدلة، فقد عرض اللّه فيها مراحل خلق الإنسان، منذ كان نطفة إلى أن أصبح شيخا عاجزا على حافة قبره. فالمتأمل لتطور حياة الإنسان يدرك أن الذي خلقه ورعاه في هذه المراحل، قادر على أن يعود فيبعثه من جديد، ويحاسبه على ما كسبت يداه،بالخير خيرا، وبالشر شرا، وأن اللّه على كل شيء قدير.